Tuesday, July 31, 2007

دوامات الواقع الديدانية والعصف الفكري

كأي مهاجر مصري رحلت عن الوطن وأبى الوطن الذي يسكنني أن يرحل عني, وطوال سنين غربتي كنت متابعا ومعايشا لكل ما يحدث في مصر, عن طريق الإعلام والشبكة وكل ما طالته يداي عن مصر, يتساوى في ذلك إنتخابات النقابات أوالمجالس المحلية وحتى نتائج دوري كرة القدم المصري وروبي وبوسي سمير و سعد الصغير, صاحب رائعة العنب العنب..
تصورت, خاصة في الثلاث سنوات الماضية, أن مصر على حافة التغيير.نعم سمعت الطبول وأنا في أطراف المعمورة..طبول التغيير تقرع والإيقاع المحموم يصرخ إخوان-أيمن نور- أقباط المهجر- أحداث الطائفية- كفاية- القضاة- شيخ الأزهر- نوال السعداوي- سعد الدين إبراهيم....................والإيقاع يستمر.
وعدت, لأسباب شخصية ربما, وإن خالطها رغبة مسيطرة أن أكون هنالك وأختبر ألام المخاض والفجر يولد..لست متفائلا أو حالما, فالسنوات أطفأت جذوة قلبي.
لكني عهدت نفسي قارئا للأحداث ومحللا مقنعا ,لنفسي على الأقل.إستبصرت فجرا..ودعمتني طبيعة الأشياء.. عدت وتجاهلت كل الإحباطات والتعقيدات..لم أنظر أبدا للوراء, لم أقارن ولم أندم..
وبعد شهور ستة ذهبت السكرة..
الشعب المصري كما هو, كما عهدته دوما
شعبا طيبا سلبيا مهاودا فهلويا ومحتالا على كل الدنيا ليبقى....ناقم على رؤسائه ولكنه يستعذب أن يفكر له الأخرون..
الإيقاعات التي حسبتها مقدمة مقطوعة التغيير إتضح أنها إيقاعات رتيبة عبثية تهمم, لا تصرخ كإنتقال حسني عبد ربه إلى الأهلي أو الإسماعيلي.. سفاح المعادي الذي يظهر ليهاجم الفتيات (والفتيات فقط) ليتركهم بخدوش تثير رعب المصريين والمصريات في التليفونات وعلى المقاهي.. خطوبة المخرج خالد يوسف من الممثلة منة شلبي وتأثير ذلك على بيته و زوجته..و الكثير من الغثاء والعبث..
في إيقاع رتيب منتظم تتصاعد الأحداث في ذهن المواطن وتخبو (دوما بلا إجابات) عندما تبدأ إيقاعات البلاهة التالية..نفس الإيقاع العطن القديم..نفس الدومات..
المصري, التعميم جهل ولكنه أحيانا ضرورة, غير قادر, كما كان دوما, على إتخاذ موقف فكري من أي نوع..فعلى سبيل المثال..مع التغلغل السرطاني للإخوان المسلمين في النقابات والسلطات التشريعية بل والتنفيذية.. فالمواطن ليس له أي موقف حقيقي منها, فموقفه هو كرهه للحكومة وكرهه للإخوان عندما يحكموا, تأييد أي متدين مظهري والموافقة ضمنا على ممارسات الحكومة ضدهم لحمايته منهم..
الصراع السياسي في مصر هو بين طرفين (معارضة بأطيافها وحكومة) لا يستمد أيا منهما مشروعيته من طرف أخر متجاهل للصراع برمته إسمه رجل الشارع.والحقيقة الغير قابلة للشك أن المصريون لم يقوموا بثورة شعبية منذ ثورة1919
واضعين في إعتباركم أنهم يعيشون في حالة من العشوائية والخلل الإجتماعي والقهر على مر التاريخ.. أنا شخصيا أعتبر أننا لم نحكم بمن هو فعلا أهل للثقة منذ محمد علي.
هذا المقال ليس سبا أو قدحا, هو مجرد وصف من عيون تكحلت بشمس هذا الوطن..هو توضيح لكل الناشطين والمعارضين والموالين أننا بنقاشاتنا لن نغير أي شيء على أرض الواقع..فالشارع هو من يغير والشارع في غيبوبة إصطناعية تروقه وتروق حكامه..يجب أن ندرك أن نقاشاتنا البيزنطية, وهي كذلك عند رجل الشارع, ليست إلا سيجارة أمل "نضربها" في عصف فكري تنظيري بعيد عن الواقع.

Saturday, July 21, 2007

عربي أو لا عربي..هذه هي المسألة


في عصرنا الحالي ومع شيوع قيم الفردية والعلمانية وتقبل الأخر, وكنتيجة للتطور الذي نشهده على جميع المستويات,على إنتمائنا أن ينضج" فالفرد الأن ينتمي لنفسه وكل شخص تجربة قائمة في حد ذاتها.
نحن في عصر كوزموبوليتانية الإنتماء, نحن مواطنون عالميون فأنا أؤمن بحقوق الإنسان والقانون الدولي والمساواة وحق تقرير المصيروحرية التعبير والإعتقاد ..
وأنتمي للجنس البشري وكل ما أنتج من ثقافة ومدنية وتحضر... لست إنعزايا و لا تسكنني فوبيا الإنتماء إلى العرب.......
رغم أني لست عروبيا من الناحية السياسة أو حتى العرقية... ولكني لا أفهم دعاوى الإخوة الإنعزاليين.. للأسباب التالي: أناعربي ثقافيا أتحدث العربية, أفكر بالعربية وأتعرض إلى نفس المؤثرات وأعيش ظروفا مشابهة ويواجه مجتمعي نفس
التحديات الداخلية قبل الخارجية, فنحن أعداء أنفستا الأخطر-"كلنا في الهم عرب" تشابه شديد بين كل الدول العربية (أو الشرق أوسطية إذا رغبت) في شيوع التطرف الديني والجهل وسيطرة الميتافيزيقا.
أيضا نتشارك كوننا أوراق لعب في أيدي لاعبيين دولين يلعبون أكبر بارتيتة بوكر في المنطقة,إيران والولايات المتحدة.نتشارك إرثا ديكتاتوريا قمعيا..
شوهت على مر السنين ومسخت مجتمعاتنا وعطل تطورها فكريا وثقافيا حتى إحترنا, نحن دعاة الديموقراطية, بين دكتاتورية كليبتوقراطية وشبه ديموقراطية ثيوقراطية.- -
العروبة (مع إدراكي لسمعة هذه الكلمة) ليست إنتماءا عرقيا.. فإن لم نكن, نحن المصريون, عربا فلا السوريين عرب (فينيقيين) ولا الفلسطينيين (كنعانيين) ولا الجزائريين ( أمازيغ) ولا حتى الخليجيين ( كلهم تشكيلة من شعوب الأرض التي جاءت للحج أو للعمل وهم بلوش وسودانيين وإيرانيين و قلة من القبائل العربية)..)- -مصر على مر التاريخ (الحديث لا القديم الذي إنقطعت بينه وبينه السبل) كانت أم العرب وشعلتهم.. وفعلا عندما نقوم يقوم الجميع, وعندما نتخلف (كحالنا حاليا) يتخلف الجميع.مثلما كنا مصدر الثقافة والعلم في العلم العربي كنا مهد الإخوان والتكفيريين مثلما هندسنا الطرق والكباري في الخليج.. هندسنا تنظيم القاعدة (الإمتداد الأممي لتنظيم الجهاد)- -أما الإنتماء الفرعوني فهو إنتماء عاطفي, لا علاقة له بالواقع. كيف أنتمي لثقافة ماتت (أو بالأحرى قتلت) ولا أعرف عنها شيئا ولم تشارك في تكويني الثقافي-اللهم إلا بعض العادات المهببة كختان البنات و بعض أسماء المدن
ملحوظة: الفرعونية قتلت حتى قبل دخول الإسلام...المسيحية قتلت الفرعونية ثقافيا, لا أحاول محاكمة التاريخ ولكن مقتل فيلسوفة الإسكندرية, هيباتيا, على أيدي المؤمنين المسيحيين المتعصبين, لعله مثال كونكريتيا على ما أقول.
لست عربيا لأني فخور بذلك, أنا عربي لأني متشبع بالثقافة العربية وهي المكون الرئيسي لذاتي عن طريق التربيةوالتعليم والإعلام. كوني عربي لا يحملني أي مسئوليات سياسية أو إجتماعية -البراجماتية هي المرجعية الوحيدةالعروبة ليست موقفا سياسيا بعثيا...لا يمنعني كوني عربي من التقدم أو تقبل الأخر أو حتى إعادة محاكمة ثوابتي وتغييرها..فنعم أنا عربي ولكن حتى العربي إنسان أيضا..أليس كذلك......كل الإحترام والتقدير